السیرة الذاتیّة لآیة الله السید عباس الحسیني القائم مقامي
النسب و مسقط الرأس:
لقد ولد آیة الله السید عباس الحسیني القائم مقام الشهیر بالقائم مقامی في طهران ، من عائلة تـنتمي إلی العالم و الأدیب و المصلح الإیرانيّ الكبیر المیرزا السید أبوالقاسم الحسیني القائم مقام الفراهاني. وأبوه نبیرة القائم مقام ، و یصل نسبه إلی المیرزا السید أبوالقاسم الحسیني القائم مقام من الجیل الخامس و نسب القائم مقام یصل من أربعة و ثلاثین سلفـًا إلی الأمام زین العابدین (ع).
و المیرزا السید عیسی و المیرزا أبو القاسم الحسیني القائم مقام (الأب و الإبن) كانوا یتمتـَّعون بدرجة عالیة من العلم و الإجتهاد الفقهيّ و كانوا في عصرهم رجال العلم والین و من المصلحین السیاسیین الكبار في المجتمع ، كما و أنَّ كلٌ منهم كان یتوسَّم بمنصب رئیس الوزراء و ذلك ما یجعلهم رجالٌ لا نظیر لهم. و قام المیرزا أبو القاسم الحسیني القائم مقام بإصلاحات إجتماعیّة و ثقافیّة و سیاسیّة وسیعة في عصره و لكن و للأسف الشدید كانت النتیجة وقوعه ضحیّة في هذا السبیل. و من بعد إستشهاده ، هاجر الكثیر من أفراد عائلة القائم مقام إلی النجف الأشرف و من یعیش الیوم هناك من أبناء عوائل القائم مقام في النجف الأشرف هم خلف ذلك النسل و الحسب.
الدراسات في طهران :
لقد حصَّل السید القائم مقامي في بدایة الشباب من عمره علی قبول من المدرسة الآلمانیّة في طهران من بعد مراحل التعلیم و لكنـَّه إنصرف عن ذلك بتشویق من والده بواسطة رغبته الشخصیّة وإلتحق إلی الحوزة العلمیّة. و بقي في الحوزة العلمیّة في طهران مستفیضًا من دروس الأساتذة الكبار مثل آیة الله میرزا حسن الإصطهباناتي ، آیة الله میرزا أبو القاسم التـنكابنيّ، و آیة الله الشیخ مرتضی الأنصاري الأهوازيّ وایة الله ضیاء الاسترآبادی.
درس الفلسفة و العرفان و الأخلاق والتفسیر عند الأساتذة الكبار و هم آیة الله المیرزا عبد الكریم الحق شناس و آیة الله السیّد الرضيّ الشیرازي و آیة الله الشیخ محمد رضا الربّاني الخراسانيّ و آیة الله الشیخ علي محمد الجولستانيّ و آیة الله السیّد مرتضی الإیروانيّ و توصَّل إلی المراحل العلیا في تلك الدراسات.
دراساته عند الأساتذة في الحوزة العلمیّة في مدینة قم:
هاجر من بعد إنهاء تلك الدراسات من طهران إلی مدینة قم لیُكمِّل دراساته و بقي هناك لیستفید فیها من الدروس العلمیّة للأساتذة الكبار. و كان مدة حضور الدروس تتراوح بین العامین إلی13 عامًا حسب ما یقتضیه كل درس وکانت الدروس كما یلي:
الفقه: درس الفقه عند الأساتذة آیة الله میرزا جواد التبریزيّ ، آیة الله الشیخ حسین الوحید الخراسانيّ ، آیة الله السیّد محمد الروحانيّ ، آیة الله المیرزا هاشم الآمليّ ، آیة الله الشیخ محمد علي الأراكيّ.
أصول الفقه: درسها عند آیة الله الشیخ حسین الوحید الخراسانيّ ، آیة الله السید محمد الروحانيّ ، آیة الله السیّد كاظم الحایريّ .
الرجال و الدرایة: عند آیة الله الشیخ محسن حرم الپناهيّ ، آیة الله السید محمد مددپور.
الفلسفة: عند آیة الله حسن زادة الآملي، آیة الله السید رضا الصدر، آیة الله الأنصاري الشیرازيّ، آیة الله الجواديّ الآمليّ.
العرفان: عند آیة الله حسن زادة الآملي، آیة الله السید كمال الموسويّ الشیرازيّ.
التدریس في الحوزة العلمیّة:
كان آیة الله القائم مقامي یُدرِّس المتون الأدبیّة في سطح المقدَّمات من بدایة الدراسة و تدریس الفقه و الأصول (المكاسب و الكفایة) علی السطح العالي . و قام في السنین الأخیرة علاوة علی ذلك بتدریس الدروس الآتیة و هي: خارج الفقه و الأصول في الحوزة العلمیّة.
و قد قدَّم قِسمٌ من أهمّ المواضیع الفقهیّة و الأصولیّة من وجهات نظر جدیدة و منها المواضیع الآتیة: قسم من بحوث القطع ــ الأصول اللفظیّة ــ المسائل المستحدثة ، ومنتخب من المسائل الفقهیّة المهمّة مثل الفجر في اللیالي المُقمرة ــ الملاك في وحدة الأفق ــ ثبوت الهلال و حكم الحاكم ــ حكم التداوي بالأعیان النجسة ــ المصافحة مع الأجنبیّة ــ حد الستر ــ الكفر و الكافر ــ أحكام الإرتداد ــ المنكر للضروري ــ أحكام الكتابيّ ــ الملكیّة و المالیّة ــ عمل الصور ــ حكم الإستنساخ ــ ملكیّة الخمس ــ الإستنباط في مجال الفراغ التشریعيّ.
و قام بتدریس الفلسفة و العرفان علی المستوی العالي كما و أنـَّه قد ألـَّف الكتب الآتیة: قسم من مجلدات الأسفارالأربعة ـ نهایة الحكمة ـ المنظومة في الحكمة ـ شرح الفصوص الحكم للقیصري ـ منازل السائرین(للشیخ عبدالله الانصاری) ـ رسالة الولایة و مصباح الولایة. و القسم الأكبر من هذه الدروس موجودة علی الأشرطة الصوتیّة.
التدریس في جامعة طهران:
كان عضوًا في الهیئة العلمیّة لعدة سنین و كان خلال دراسته التكمیلیّة العالیة في نفس الوقت معاون أستاذ في العدید من الجامعات في طهران و یدرِّس فیها الفلسفة و الكلام الإسلامي و الأدیان و العرفان و الفقه و مباني الحقوق الاسلاميّة و كان الدلیل المستشار للكثیر من الطلاب في أطروحة الدكتوراه و أطروحات فوق اللیسانس.
وجَّهت مدیریّة مطالعات الشرق الأوسط من جامعة بركلي الأمیرکیّة في عام 1994 دعوة له لتدریس المراحل العالیة من دروس العرفان و
الإلهیّات فیها.
الآثار و المؤلـَّفات:
لقد أیـَّد الكثير من أساتذته العلماء و كبار العلماء من الحوزة العلمیّة وصوله إلی درجة الإجتهاد و لم یكن قد بلغ سنَّ العشرین من عمره. و إشترك من بعد ذلك بأعوام قلیلة في إمتحان قبول إجتهاد مجلس الخبراء و فاز بأعلی الدرجات.
و منذ أنتشار أول كتاب له في عام 1982 ألـَّف خلال 25 عامَا منذ ذلك اليوم أكثر من عشرة كتب بلغتی الفلرسیة والعربیة. من جملتها التأملات الفلسفیة، والمبادئ لمشروعیة الحکم،والتحقیقات الاصولیة، والمقالات الحکمیة و حرَّر أكثر من مئة مقالة في المواضیع الإختصاصیّة من قبیل الفقه و الأصول و الفلسفة و العرفان و المواضیع المعرفیّة و الكلام الحدیث. و تمَّ إنتشارها جمیعًا و شارك علاوة علی ذلك في العشرات من المصاحبات مع ممثلي الصحافة و النشریّات الداخلیّة و الخارجیّة.
لقد تمَّ ترجمة و نشر قسم من هذه المؤلـَّفات إلی اللغات الإنجلیزیّة و الألمانیّة والترکیة.
و فاز كتاب « البحوث الفقهیّة » الذي یتكوَّن من مجموعة من آرائه الفقهیّة ، الذي قد إنتشر من قبل 15 عامًا ، بالرتبة الأولی في حقلي
الفقه و الأصول من بین عشرات تألیفات العلماء والفضلاء في أول مهرجان للكتاب في الحوزات العلمیّة.
المؤلـَّفات الفكریّة:
و في سلسلة المقالات التي تخصُّ « المعرفة البشریّة في المعارف الدینیّة » التي كتبها هو و إنتشرت عام 1989 یعالج فیها الإستـنباط فیما یسمّی « بمنطقة الفراغ الشرعي » إستنادًا علی الأصول الشرعیّة المعروفة في الإجتهاد و أصول الفقه.
إنَّ من أهمّ النظریّات التي طرحها آیة الله القائم مقامي هي مشروعیّة تدخـُّل العقل البشريّ السلیم في حقل إستنباط الأحكام الشرعیّة و التفكیك المنطقي بین الحكم الحقّاني الحیادي و بین الحكم المبني علی المتطلـِّبات الغیر حیادیّة « مشروعیّة الإقدام » و التأكید علی ضرورة شرعیّة القسم الثاني في إقرار الحاكمیّة السیاسیّة و إتـِّخاذ القرارات الإجتماعیّة علی الأصول الفقهیّة لمعرفة أسالیب الإجتهاد و التأكید علی محوریّة الكتاب أي « القرآن الكریم » في إستخراج الأصول و القواعد الكلـّیـَّة الحاكمة و ضرورة تأثیر الإستنباط الفقهي من القواعد والأصول الأساسیّة الملتقاة من القرآن الكریم جنب القواعد الفقهیّة. وقد طرح فی مباحث المعرفة والفلسفة، تبیین إثبات عینیّة الإنسان و الوجود عن طریق إثبات واقعیّة الوجود و المعرفة و تبیین النسبة بین الخالق جلَّ و علا و بین المخلوق وارجاع الحقوق الذاتیّة إلی نفس الوجود و غیرهامن سائر الانظار والآرائه الجدیدة.
النشاطات الأخری:
بالرغم من أنَّ أكثر ما یشغل نفسه بها كانت هي الدراسات العلمیّة، فإنـَّه یُشارك في أمور أخری و یتقبـَّل المسؤولیّات المختلفة في الجامعات و المؤسسات العلمیّة و منها: رئاسة کلیة الفقه ـ عضویّة الشوری العلیا لبحوث العلوم الإنسانیّة و المطالعات الثقافیّة في ایران ـ عضویّة هیئة الأمناء للجامعة العالمیّة للمذاهب ـ عضویّة الشوری الثقافیّة للتعالیم العالیة ـ رئاسة شوری الفلسفة و الكلام و تدقیق المؤلفات الجامعیّة ـ عضویّة الشوری العلیا لتدقیق و إعطاء الرتب العلمیّة للمجلات و المنشورات الجامعیّة ـ عضویّة هیئة إنتخاب الأساتذة المتخصصین في العدید من جامعات.
و منذ وجوده في ألمانیا في السنین الأخیرة قام بنشاطات عدیدة بسمته کرئیس المرکز الإسلامي في هامبورغ و رئیس أکادمیّة العلوم الإسلامیّة في آلمانیا و رئیس شوری المسلمین في هامبورغ.
کما و أنـَّه أسس الإتحاد الأوربّي لعلماء الشیعة ، و الإتحاد الإسلامي للجمعیات الشیعیة فی المانیا. و ألقی العشرات من الکلمات في المؤتمرات العلمیّة المنعقدة بین الأدیان ، و أجری العدید من الصحفیین من وسائل الإعلام الأوربّیة المهمّة المصاحبات معه و من أهمِّ نتائج مساعیه منذ وجوده في ألمانیا هي ما أنشأه من العلاقات الوسیعة و المثمرة مع الرؤساء الدینیین و الساسة الأوربّیین لتعریف الوجه الحقیقي للإسلام الذي هو دینٌ بني علی أساس العدل و العقل.
حرر فی 10.03.2007